الأربعاء، 8 فبراير 2012


" قناة الجزيرة " ذلك الإعلام الأحمر

ما إن دخل عليّ صاحبي و رآني أشاهد برنامجاً من برامج الجزيرة حتى انتفخت أوداجه و احمر وجهه و قال لي و الزبد يتطاير من فمه :- أغلق هذه القناة أو تحول عنها إلى قناة أخرى .
فقلت له :- " لماذا ؟ ! " متعجباً و مستهجناً من فورته و غضبته المفاجئة التي أعمته و أنسته حتى عن أصول و آداب التحية و السلام .
قال - و كأنه يخطب في قوم – "  كفانا قيل و قال و هرطقات , كفانا إثارة و استفزازاً و خصامات ؛ إن قناة الجزيرة هذه و أختها الصغرى " العربية  " لا تمثلان سوى الإعلام الأحمر الذي لا يعرف إلاّ لغة الصراخ و النواح , و لا يعرض إلاّ صور الدم والدمار والقتل , و لا يمجد غير أصحاب هذه الأفعال الوحشية و إظهارهم بمظهر الأبطال , أياً كان الفاعل , وأياً كان المستهدف المفعول ؛ و من ثم يستعرض في تلذذ آثار البؤس و الأسى و المذلة التي تخلفها تلك الأفعال بين أبناء ذلك البلد البائس المنكوب . إن الجزيرة و إعلامها الأحمر لا يهمها سوى استباق الحدث و تغطية المناطق الساخنة من هذا العالم و نقل الجوانب السلبية للأحداث الواقعة فيه .
قلت له , وأنا أعتدل في جلستي  :- بدايةً , إنه لوسام شرف تعلقه على صدر قناة الجزيرة أن تنعتها " بالإعلام الأحمر " الجاد , فذلك خير لها ألف مرة من نعتها بالإعلام  " الأصفر " الذي لا يُعنى بغير الفضائح الجنسية التافهة , أو الإعلام
" الأبيض " المنافق الرافع لراية الخنوع والاستسلام ... ثم قل لي أي ضير في نقل الأحداث الساخنة من شتى بقاع الأرض ؟ أليس هذا ما نريده بل و يجب أن نعرفه عما يدور و يجري في هذا العالم ، بدلاً من أن نغدو فيه كالطرشان في الزفة ؟!
 والأكثر من هذا و ذاك هو أن قوة الإعلام المعاصر و مستوى المكانة و الريادة فيه تتمثل في قدرة هذه الوسيلة الإعلامية أو تلك على البلوغ أكثر أو الوصول أسرع إلى قلب أي حدث في أي صقع من أصقاع الأرض , و نقله للمشاهد أو المستمع في أي مكان كان ، ساخناً وأولاً بأول من موقع الحدث . تلك هي سمات الجدارة و التفوق و الامتياز لوسائل الإعلام في زمن الأقمار الصناعية التي حولت المعمورة إلى مجرد قرية صغيرة . و ما تبديه قناة الجزيرة من تميز و ما تحققه من سبق في هذا المضمار، كقناة إعلامية عربية , كان ينبغي أن يكون لنا نحن العرب مدعاة للفخر و الاعتزاز , كونها أول قناة إعلامية عربية تصل إلى هذا المستوى الراقي من القدرة على مزاحمة الأقران من الإعلام العالمي , و بالتالي فرض نفسها واحترامها على العالم أجمع .
أما استهجانك لنوعية الأخبار التي تنقلها هذه القناة و اعتقادك بأنها تركز عامدة على الجوانب السلبية للأحداث ، فمردود عليه في بساطة شديدة ، و هي أن كلمة 
" الخبر أو الأخبار " في حد ذاتها ارتبطت في ذهن الإنسان ، منذ أن وجد في صورته الواعية على هذه البسيطة ، بالأحداث السيئة أو الخارجة عن مألوف العادة من قتل و سفك أو دمار و خراب و خلافه , و لا يتناقل البشر أخبار الخير و البُشر و الفرح قدر تناقلهم لأخبار الشر والضر و الترح , لأن الخير مرغوب و مطلوب و متوقع ، أما الشر أو الضر فمكروه ، مفزع و مثير و مفجع . و الناس توحدها المصائب و الكوارث أكثر مما توحدها الأفراح و الأعراس . و هذا يعني أن مسألة التركيز ، إن وجدت , على الأحداث المأساوية الواقعة هنا وهناك , هو أمر لم تبتدعه الجزيرة بل هو موجود بالفطرة ( الإنسانية أو الحيوانية البهيمية ؟! ، تلك قضية أخرى !! )  في المجتمع الإنساني ، فنحن – و أرجو أن تلاحظ ذلك – نحتفل ليوم واحد بميلاد أي كان من بني الإنسان ، بينما نقيم له المناحة و المآتم عند موته أياماً و أسابيعَ طوال !! . أليس كذلك يا صاحبي ؟!
قال و قد ازداد عتواً و نفورا :- الجزيرة ؛ هذه القناة التي تستميت في الدفاع عنها تسعى ، من خلال أساليبها المبتكرة المثيرة و مادتها المنتقاة المطروحة , لخدمة أعداء الأمة العربية و الإسلامية ، و ذلك عبر السيناريو التالي الموضوع لها :-
1) أن تعمد إلى التركيز على نقل الأخبار الكارثية و تمجيد تفجير الذات و أعراس الموت الحادثة هنا و هناك من العالم بشكل عام و من عالمنا العربي و الإسلامي بشكل خاص , و تصويرنا و كأننا نعيش في بلداننا على فوهة بركان نشط .
2) هذا التركيز سيؤدي إلى إشاعة الفوضى و عدم الاستقرار في البلد المنقولة عنه الأخبار , الأمر الذي سيعطي للطامعين الانطباع و الحجة بحاجة هذا البلد لقوة خارجية تحفظ فيه الأمن و الاستقرار و تعيد لأهله الطمأنينة و السلام . و يكون ذلك من ثم مبرراً للغزو أو بقاء الاحتلال . كما حدث ذلك و يحدث في كل من العراق و فلسطين و أفغانستان و غيرها .
3) بعرض هذه القناة لجوانب ضعفنا و تخلف أحوالنا في الوقت الذي تستعرض  فيه جوانب القوة و التفوق عند الأعداء , و خاصة أمريكا و إسرائيل ، إنما هي بذلك تكرس فينا لهم صورة السوبرمان و القوة التي لا تقهر ، وتعمق في شعوبنا ، بالتالي ، الإحساس بالدونية و الشعور بالإحباط و اليأس ، و تقتل في نفوسها كل أمل في قدرتها الذاتية على النهوض و التغيير ،  فيستقر في تفكيرها بأن ليس لها سوى الاستسلام لقدرها و الخنوع . و هذا ، لعمري , غاية ما تسعى إليه و تنشده أية دولة استعمارية طامعة في أي بلد من البلدان ... و جود حجة خارجية للتدخل , و جبهة داخلية منهارة .     
  فما قولك في هذا أيضاَ ؟!
قلت له :- إن تحليلك هذا , على ما يبدو فيه من منطق , يذكرني  بحكاية الملك الذي استهبله و ضحك عليه أحد الخياطين الذي زعم بأنه سيفصل له حُلّة لا يراها إلا النوابغ الأذكياء ، فخرج الملك ، وسط رهطه المداهن المنافق ، يمشي عارياً بين الجموع , معتقداً أنه يرتدي الحلة التي لا يراها المجانين الأغبياء ، فخشي من الاعتراف بالحقيقة التي  يحسها و يراها بأم عينه ،  لئلا يحسب منهم . إلى أن رأوه الصبية الذين لا يعرفون النفاق و الكذب و الدجل ، فتصايحوا به  متندرين عليه بقولهم  :- جُنَّ الملك ...  جُنَّ الملك ...  إنه يمشي عارٍ بلا أثواب !!   
هكذا قد تُستهبل بعض العقول بمثل ذلك المنطق ...
 سيدي الفاضل ، الجزيرة لا تفعل شيئاً سوى تصوير الحقيقة كما هي بلا أدنى رتوش أو تزويغ , و الحقيقة كالحق مغضبة ،  كما قالت العرب من قديم الزمن .... إنه لصعب و صعب جداً على الإنسان أن تُرى سوأته أو يُشار إلى مساوئه أو سيئاته ، و لكن الحقيقة تبقى هي الحقيقة ، ساطعة كالشمس لا تخطئها إلا العيون الضريرة ، أعترف بها هذا الفرد أو ذاك أو لم يعترف .       
 أجل ! إنه لمن الواضح جداً أن لقناة الجزيرة رؤية و رسالة ؛ فأما رؤيتها فقائمة ، كما  تبدو لي ، على خلق إنسان عربي واعٍ و مدرك لما له وما عليه في هذا الزمن بكل ما له ،  من معطيات مذهلة خارقة فريدة ، أو ما تفرضه أحداثه من تداعيات و انعكاسات جسيمة و خطيرة على كل مناحي الحياة ؛ أي ، بكلمة أخرى مختصرة ، هدف الجزيرة هو خلق إنسان عربي ما بعينيه رماد أو غشاوة ، بل قادر على رؤية  موقعه الحقيقي من مجمل أوجه الإنتاج و الإبداع الحضاري المعاصر الذي تتمايز به الأمم ، و مكانه من الإعراب من عوامل القوة و التأثير في مجالات السياسة و الاقتصاد و صنع القرار و صياغة الأحداث في هذا العالم ، لا أكثر من ذلك ولا أقل .
 و أما رسالتها فقائمة على هتك ستار التعتيم ، و تسليط الضوء على الزوايا المعتمة و نقل ما يحدث في الأوكار المظلمة التي يا طالما بقيت ، بكل ما يحدث فيها من فظاعات إنسانية ، بعيدة عن العيون و الأسماع . إنها تسعى لأن تقول ما لم يكن عبر قرون ، مسموحاً بقوله , و تريد أن تعرض لعيون العالم ما كان مدفوناً عبر مئات السنين تحت ركام الأدران و العفن . و هذا ما نحن في أمس الحاجة إليه ، كخطوة أولى نحو أي تغيير منشود لواقعنا المؤلم ؛ أن نمسك المبضع و نشرِّح كل الدمامل و الأورام الخبيثة ، التي شوهت أديم عيشنا ، و نخرج ما فيها من قيح و صديد ؛ و أن نجعل الشمس تسطع في كل ركن من أركان حياتنا ، فتطهرها  وتطرد منها الظلام و خفافيش الكهوف المظلمة .!!
أنا لا استغرب أي قدح في الجزيرة ، بل أرى أن ذلك شيء طبيعي و متوقع تماماً ؛ بل لعله كان الغريب هو عدم حدوث مثل ردات الفعل هذه . فشعاع الشمس جدُّ مزعجٍ للعيون التي اعتادت المكث في غياهب الظلام . و لكن مع ذلك ، و لأنك من الفئة المثقفة المستنيرة فيما أحسب ، أعجب كل العجب من أخذك على الجزيرة
" تمجيدها لتفجير الذات و أعراس الموت " فإن لم يكن يمجد هذا النوع من الأفعال ، فأي شيء يا ترى يستحق التمجيد ؟! أحفلات الرقص و الغناء الماجن ؟ أم مؤتمرات التآمر و المآدب ؟! أم ليالي أنس المليارديرات العرب أو ما يقابلها من أيام بؤس الشعوب العربية من خليجها في الشرق لمحيطها في الغرب ؟!
أترى في تفجير الذات و أعراس الموت نوعاً من الجريمة ؟! أم نوعاً من الفداء و التضحية و البطولة الخارقة  الخالدة ؟! هلاّ تساءلت يوماً لماذا من هو في زهرة العمر و ريعان الشباب يشتري الموت و يبيع الحياة ؟! هلاّ تساءلت يوماً لماذا تستبدل العروس ثوب زفافها بالحزام الناسف و ثوب الكفن ؟! و لماذا الأم تنسى أمومتها و تذهب للموت تاركة رضيعها وسط الذئاب بلا معيل أو سكن ؟! ..
 لا يُستطاب الموت يا صاحبي , و لا تهون الحياة ، إلا في اللحظات التي يكون فيها الموت أشرف للإنسان أو أرحم  . فانظر و ابحث عن الأسباب التي أوصلت هذه النماذج لهذا النوع من التعامل و التعاطي مع الأحداث ، ستجد دون كثير من العناء حتمية – إن لم نقل منطقية  – مثل هذه الأفعال في ظل ظروف يصدق في وصفها قول قطري ابن الفجاءة :-
" و ما للمرء خير في حياة ................... إذا ما عد من سقط المتاع "
أو قول عبد الرحيم محمود :-
" فإما حياة تسر الصـــديق .................... و إما ممات يغيض العدى
 و نفس الشريف لها غايتان .................. ورود المنايا ونــيل المنى  "
فمن صار شخصه كسقط المتاع , و صارت حياته لا تسر الصديق , و كان حر النفس أبياً ، فليس له ، أشرف و أرحم ، من ورود المنايا و صنع الممات الذي يغيض به أعداءه الذين حرموه من نعمة الحياة الحرة الآمنة الكريمة .

نعم أتفق معك و لا نختلف كثيراً على أن هذه العمليات تفتقر ، و إلى حدما ، للرؤية السياسية أو الفكرية العميقة ، و تعوزها الأجندة الواضحة لمعالم المستقبل المنشود ، هذا صحيح مئة بالمئة , و هذه معضلة عانت و ما زالت تعاني منها حركات التحرر العربية بدءاً بالجزائر بلد المليون شهيد ، الذي يكاد اليوم أن يغدو بلد المليون ذبيح على أيدي بعضهم البعض من أبناء ذلك البلد ؛  مروراً بنضال الشعب اليمني في جزئه الجنوبي ، و ما آل إليه ذلك النضال المجيد من سقوط و ضياع لكل ما قدم ذلك الشعب من تضحيات ؛ و انتهاءً اليوم بحركات الكفاح الوطني ، الفلسطينية منها والإسلامية الأصولية . التي لم تستطع أن توحد نفسها في زمن القهر و العدو المشترك ، فما بالك بإمكانية توحدها في زمن النصر و تقاسم كعكته – لو تحقق - !
كل هذا صحيح ، و لكن الصحيح أيضاً ، هو أنه لكل فعل رد فعل يساويه في القوة و يعاكسه في الاتجاه . و الإذلال و القهر المتناهي ،  و السحق و المحق الذي تمارسه القوى الاستعمارية  الغاشمة في أصقاع الأرض ، لاسيما في  فلسطين و العراق ، شيء حري بأن يطيش بصواب أعظم العقول حصافة و تعقلاً و رزانة ... شيء  لا يمكن أن تطيقه النفوس الحرة الكريمة و لا يمكن أن يمر عليها مرور الكرام . فتجد في هذا النوع من العمليات الانتحارية أفضل وسيلة متاحة للرد على انتهاك حرماتها و كرامتها ، و سلب حقوقها و حرياتها ، و التخلص في الوقت ذاته من إحساسها الساحق بالمذلة و العجز و الهوان . فتهد المعبد على رأسها و رؤوس من فيه ، في لحظة من لحظات يأسها الغامر قائلة :" عليّ و على أعدائي يا ربي " إنها صورة من صور ما يعرف بالمقاومة السلبية ، أي مقاومة من لا يمتلك الخيار سوى اتخاذ حياته أو جسده وسيلة للتعبير عن رفضه لأي واقع معاش . مثله في ذلك مثل السجين الذي يعبر عن رفضه لانتهاكات السجن والسجان بإضرابه عن الطعام حتى الموت ،عـلّه يحرك ساكناً في الضمائر .
و الجزيرة  في عرضها للأحداث الساخنة لا تمجد ، بذلك ، الدم أو العنف ، بل تنقل ما يحدث بكل أمانة و موضوعية ، و ليفسر من بعد ذلك ما أراد المفسر ؛ و إن هي مجدت العنف ، جدلاً ، فإنها لم تأت بذلك شيئاً جديداً أو ئدا ؛ فمن قبلها مجد التاريخ كل الطغاة و السفاحين في العصور ، وألبسهم أكاليل الغار وأعدهم رمز الشجاعة و البطولة بل و الفداء الذي  يقل له النظير ! فمن عهد هوميروس و الإلياذة ، إلى ذي القرنين أو الأسكندر المقدوني ، إلى ستالين روسيا و هتلر و نابليون بونابرت ،  إلى حكايات عنترة و الزير سالم التي نتغنى بها في  أساطيرنا العربية ، إلى الأقوال الخالدة التي زخر بها ديوان العرب من امرئ القيس و قوله :- " بسفك الدماء يا جارتا تحقن الماء .......... و بالقتل تنجو كل نفس من القتل "
إلى أبي تمام و قوله :-
" السيف أصـــدق أنباء من الكـــــتب ........... في حده الحد بين الجد و اللعــب
   بيض الصفائح لا سود الصحائف في ......    مــتونهـــن جلاء الشـــك و الريب "
إلى أبي الطيب المتنبي و قوله :-
" لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى ........ حتى يراق على جوانبه الدم "
بل و انتهاء بفكر غالبية الأديان السماوية و العقائد الإنسانية ، فمن وصايا التلمود في اليهودية ، إلى " و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة و من رباط الخيل ترهبون به عدو الله و عدوكم " و " و لكم في القصاص حياة يا أولي الألباب " في الإسلام .
و حتى تلك الديانات أو المعتقدات التي نادت بالتسامح و دعت للمحبة و السلام ، كان مصير دعاتها الصلب ، كما حدث للمسيح ، أو الاغتيال ، كما حدث لغاندي .
 فالعنف ، إذن ، لا يحتاج لتمجيد الجزيرة و لا لتشجيعها عليه ، فهو موجود منذ وجود الأحياء على ظهر هذا الكوكب ، وقانون البقاء للأقوى و الانتخاب الطبيعي هو الذي كان و ما زال يحكم الحياة و إلى أبد الآبدين . فمن كان نعجة أكلته الضباع و الذئاب , و من كان أسداً تحامته الثعالب و الكلاب .
و إذا أردنا أن نذهب إلى أبعد من ذلك لقلنا كما قال الشنواح شاعر اليمن :- " ليس في العنف عيوب " بل هو سر ما عليه البشرية اليوم من تقدم علمي  و رقي حضاري !  فالحاجة أم الاختراع ، و الاختراع هو الذي أوصل الإنسان  لهذا السلّم      الرفيع من الحضارة الإنسانية المعاصرة ؛ و ليس من حاجة أمس من الحاجة للبقاء و العيش و الأمان ، و بالتالي فلا شيء يحرك طاقة الإبداع و يحفزها للاختراع والإنتاج قدر الشعور بالأخطار و التهديد بالزوال  ، فإما البقاء بفكر مضاد يفوق فكر العدو ، أو الطرف المزاحم ،  و إما الانتهاء و الاضمحلال . لذلك قالوا :- الحياة كفاح ، بل الكفاح هو الحياة .
 فلا تجزع ، صديقي ، لما تراه من عنف هنا و هناك , فتلك هي سنّة الحياة منذ أن وجدت ؛ قاتل و مقتول ، غالب و مغلوب ، قوي و مستضعف ، سيد و مسود ، و لا شيء بينهما سوى الحشرات و الدود ؛ و حتى هذه بينها الآكل و المأكول  !! و ...
و "  من لم يمت بالسيف مات بغيره ....... تعددت الأسباب و الموت واحد ."
و .....  " وإذا لم يكن من الموت بد ....... فمن العار أن تموت جبانا "
و  .. " و أن يعيش المرء يوماً واحداً كالأسد خير له من العيش مئة يوم كالنعجة "

و ما تعرضه الجزيرة من صور مأساوية أو سوداوية عن العالم العربي لا تضيف عليه أي شيء جديد ، و لا تستحدث للطامعين فيه أي مبرر ؛ لأنها  في الحقيقة صوراً ، بكل ما فيها من ألوان قاتمة  و مناظر مفزعة ،  أوجدها الطامعون ذاتهم في هذه البلدان من عشرات السنين ؛ فليسوا بحاجة  إلى أية حجة أخرى  للغزو و السيطرة ، كما لا تحتاج الذئاب لأكثر من نزعة الافتراس المفطورة عليها لاجتياح قطيع النعاج !!   

و أما عن استعراض هذه القناة  لنقاط قوة الأعداء و نقاط ضعفنا ، فذلك فيما أظن شيء يحسب لها ، لا عليها ، فالحكمة تقول :-  شكراً لمن أهداني عيوبي ، و صديقك من صدقك القول لا من صدّقك . و هي ، في كل ما تبديه ، لا تضفي على الأعداء قوة ليست لهم , و لا تنقص منا قوة هي فينا حقيقة . بل إن ما تعرضه هو الواقع عينه بلا كذب و لا تدليس , و من أراد الانتصار في معركة ، كان عليه معرفة نقاط القوة و الضعف عنده و عند خصمه ، و الاختلال في معادلة القوة و عناصر الصراع بيننا و الأعداء لصالحهم ، واضحة للعيان , و لا تحتاج لأي دليل أو برهان ، و من ثم لا يناكف فيها غير مغرض أو جاهل وضرير . و بالتالي فإن تسليط الضوء على تلك الجوانب أو التركيز عليها ـ إن صح ذلك ـ يعد عملاً توعوياً و تعبوياً للأمة ، لا عملاً انهزامياً أو تخريبياً لروحها و المعنوية .
إن الجزيرة بمثل ذلك الطرح و الاستعراض  المستفز تستصرخ النخوة و الغيرة في من بقي لديهم ذماءة من حياة أو حياء في هذه الأمة !! إنها تحاول أن تغيص السكين إلى العظم ، عـلها تبعث شيئاً من الإحساس بالألم في الأجساد المتنملة  المخدرة ، فتنتفض و تنفض عنها الهوان و المذلة والخور . إنها تستثير فينا الأسئلة المحرجة الصعبة التي يجب علينا طرحها و الإجابة عليها بكل صدق و شجاعة و موضوعية حول أوضاعنا المهترئة في شتى جوانبها السلبية . تلك الأسئلة التي تبدأ بـ " لماذا "  نحن حيث نحن بالنسبة للعالم ؟ و تنتهي بـ " متى و كيف " ننهض للحاق به ؟!     
لماذا نخشى مواجهة الحقيقة و الاعتراف بها ، و هي الخطوة الأساسية ، و المقدمة الأولى نحو أي إصلاح أو تغيير مأمول ؟ ..  و إلى متى سندفن رؤوسنا في الرمال كالنعامة  , و نتوهم الأمن و الأمان و القوة و العافية , و الأخطار محدقة بنا من كل صوب و أقرب إلينا من الحبل الوريد ؟ و حتّامَ نبقى نمجد مآثر الأمس الغابر ؛ و ننسى ، أو بالأحرى نتناسى ، الحضيض الذي نحن فيه و الظلال القاتمة  لمآسي و احباطات الزمن الحاضر ؟
ما أصدق معروف الرصافي حين قال : ـ
" و شر العالمين ذوو خمـــول ....... إذا فاخرتهم ذكروا الجدودا
و خير الناس ذو حسب رفيع ......أقـام لــنفســه حــسـباً جديـدا  "
أم يراد لهذه القناة كي يرضى عنها الحكام والمداهنون أن ...
" أن تكذب في قراءة التاريخ  .... و تكذب في قراءة الأخبار ...
               و تقلب الهزيمة الكبرى إلى انتصار "     كما قال نزار قباني ؟!  
إن المريض لن يشفى من مرضه إن هو لم يسعَ إلى الطبيب على قدميه ، و لن يصف له الطبيب الدواء الناجع إن هو لم يُصْدقه الشكوى أو لم يطلعه على موضع معاناته والألم . كذلك هي الحال عندنا و عند كل من يريد البرء و المعافاة مما هو فيه من علة أو ضعف و وهن ، عليه أولاً الاعتراف بما هو فيه من تخلف أو عجز وقصور ، ثم البحث عن الدواء و أساليب العلاج .
و هنا قاطعني صاحبي و هتف قائلاً :- إذن ، مات الملك عاش الملك ؛ ذهب عبد الناصر و جاءت الجزيرة  لتقود الشارع العربي نحو الضياع و المتاهات التي قادنا إليها القوميون العرب سابقاً ، عبر أوهامهم و مشاريعهم " الثورية و القومية الفاشلة التي لم تجن منها أمتنا في نهاية المطاف سوى الحنظل و الشوك و الحصرم . و من أجل ذلك تمجد و تصفق لكل الطغاة العرب و على رأسهم طاغية العراق  صدام حسين .
قلت له :-
" و عين الرضى عن كل عيب كليلة .... و لكن عين السخط تبدي المساوئا "
أتزعم أن القوميين العرب ، و على رأسهم عبد الناصر ، لم يكن لهم من مأثرة سوى جني الخيبة و الهزائم و الخسائر ؛ فأين تضع إذن تأميم قناة السويس و بناء السد العالي و الانتصار على العدوان الثلاثي في56 ؟ ! أين تضع حركات التحرر التي اجتاحت العالم العربي ، كالنار في الهشيم ، من مشرقه لمغربه و كنست القوى الاستعمارية منه و حررت الجزائر و اليمن , وأسقطت سايكس بيكو بنضالها و التضحيات.؟!  أين تضع المد الثوري و الحس الوطني العارم الذي ساد الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج إبان الحقبة الناصرية ، فزلزلت الأرض تحت أقدام المستعمرين و أعوانهم الطغاة المحليين ؟ ... يا سيدي ...  في زمن المد القومي و الناصرية كان للأمة العربية صوت و وجود و حضور ، كان لها كيان شامخ يعترف بمكانته و عزته العدو الحاقد قبل الصديق الغيور . و حتى عندما حلت الهزيمة ، هزيمة حزيران  67 ،  كان العربي يحس بأنه خسر معركة و لم يخسر حرباً ، والحرب سجال ... هُزِمت يومها الجيوش ولم تُهزَم النفوس ، فصنعت من بعد ذلك النصر في أكتوبر 73 ، فعبرت بعزيمتها خط الدفاع الذي لا يقهر ، خط بارليف , و استعادت قناة السويس في معركة شهد لها العالم بدقتها وجرأتها و البسالة .
 و قارن بين ما نحن فيه اليوم من جيوش جرارة و أنفس خائرة منهارة ، لا تقوى حتى على مسح القذى من عيونها أو دفع الذباب عن أفواهها والأنوف !!
نعم ! كان لتلك الحقبة و زعامتها التاريخية أخطاء لا ندافع عنها أو نبررها ، و لكن من هي الزعامة التي كانت عبر التاريخ بلا أخطاء ؟! .. ثم أنه ثمة فرق كبير بين الخطأ الذي يرتكب بقصد البناء أو بواعز العزة و الإباء , و بين الخطأ الذي يرتكب بقصد الهدم أو الاستسلام ، أو بدافع الجبن و الخوف و الخور .
أما عن تمجيدها للطغاة العرب – كما تقول – فهي إن فعلت ذلك فإنها ستمجد غالبية ( إن لم نقل كل ) الحكام العرب بلا تخصيص ؛ لأنهم ، و إلى حد ما ، متساوون  في تلك الصفة ؛ و حينئذ سيتوجب عليها ، فعلاً ، ألاّ تحابي أحداً منهم على الآخر !!
و أما صدام حسين فكان هنيبعل أو حنّا بعل العرب ، فقد أعاد التاريخ نفسه فيه ؛ و حنّا بعل استحق التمجيد و الثناء عندما وصلت جيوشه أبواب روما و فرض عليها كماشته الحديدية ، و استحق من بعد ذلك التشهير و الرثاء عندما لم يحسن سياسة ملكه و صيانته ، واجتاحت جيوش روما قرطاجنَّته و فرضت عليه ، بعد عزته ، الذل و الهوان ، و بعد انتصاراته الكبرى ، الهزيمة و الانكسار  !!...
و صدام حسين بنى دولة عظيمة الشأن مرهوبة الجانب ، وصلت صواريخها قلب تل أبيب ، و كادت أن تمتلك القنبلة النووية ، فخاف الأعداء منها ، لتجاوزها الكثير من الخطوط الحمر الموضوعة من القوى الاستعمارية لدول العالم الثالث ، فحاكوا عليها المؤامرات التي كانت في دهائها و خبثها أكبر من قدرة صدام على اكتشافها ، لهوجه و لجنون العظمة الذي تلبسه ، فسقطت دولته ذلك السقوط المجلجل . فانطبق على الرجلين ؛ حنا بعل و صدام قول الشاعر :-
" أعطيت ملكاً و لم تحسن سياسته .... و كل من لا يسوس الملك يخلعه "   
 و الجزيرة لم تمجد صدام و لكنها ربما صفقت ، كما صفق له الملايين من المعذبين و المسحوقين و الموتورين في أصقاع الأرض عندما تجرأ بقول " لا " في وجه طاغوت العصر ، و ظنت ، أو قل :-  خُدعت ، كما ظنت أو خدعت الملايين في قدرته على كسر شوكة ذلك الطاغوت ، أو الوقوف في وجهه . و هي حال تبين مدى ما نحن فيه ، وما فيه غيرنا من شعوب العالم ، من تعطش للكرامة و الحرية ...  من إحساس بالقهر و الاختناق ... من الشعور بالغرق المميت في بحور المذلة و الهوان ، الأمر الذي يدفعنا و يدفعهم كما يدفع الغريق للتشبث بشبو الماء أو بأي قشة تلوح في الأفق . فكان صدام تلك القشة التي لاحت في  فضاء حياتنا وما أغنت الغريق عن الغرق ، بل تشبثه بها أوصله إلى قاع المحيط !!
يا صاحبي إن تكن الجزيرة تسعى إلى الاضطلاع بدور القيادة الجماهيرية ، فليكن ذلك ، فنحن أمة يتيمة ليس لها من قيادة ، فلم تصل هذه الأمة هذا المستوى من الهزال و الحضيض و الهوان على العالم إلاّ بعد أن فقدت قيادتها التاريخية الملهمة الملهبة لمشاعر العزة و الكرامة ، فصارت كقطيع من النعاج وسط مسبعة بلا راعي  !!   
 قال صاحبي  ، و قد انفثأ غضبه و هدأت نفسه و ران عليه التسليم  بما سمع :- يعجبني فيك إيمانك الراسخ بكل فكرة أو قيمة تتبناها ، و إني لأراك بدفاعك هذا ملكياً أكثر من الملك !!  و لكن قل لي :- إذا كانت الجزيرة على هذا القدر من الوطنية ، و هذا الحجم من الخصام و الخلاف  مع الأمريكان و القوى الاستعمارية الأخرى ، فهل يعقل ألاّ يكون لأمريكا  أو تلك القوى الأخرى أي تأثير على الدول الخليجية التي تنطلق منها هذه القناة وأختها الصغرى " العربية "  لإيقافهما عن العمل أو على الأقل للتخفيف من لهجتهما ( الوطنية ) المستفزة  المعادية للاستعمار  و أعوانه ؟!  أم تريد الزعم بأن هذه الدول تتمتع بقدر عال من السيادة و الاستقلالية إلى الحد الذي لا يمكن التأثير عليها  من قبل أية دولة ؟ !
قلت له :- هذا سؤال في ظاهره الكثير من الخبث و المعقولية و المنطق ؛ و هو سؤال يبدو عصي الجواب لدى الكثيرين ؛ ويحمل في ثناياه اتهاماً صريحاً لهذه القناة و أختها الصغرى – كما يحلو لك تسميتها –  " بالعمالة و الخيانة " ........
 و لكني سأخبرك عن السبب الكامن وراء طرح مثل ذلك السؤال :-  إنه الذهول الناجم عن قصر البصر و عجز العقول عن فهم ما يحدث ...  فنحن من مستوى الإحباط و الانكسار الذي وصلنا إليه ...  من فقداننا التام للثقة في أنفسنا ، و اعتقادنا بأن الإبداع و التفوق في أي أمر هو شيء لا نقوى على امتلاكه نحن العرب ، فلا يأتينا إلا من الغرب .. من كل ذلك ، يستعصي علينا أن نصدق أنفسنا بأن الجزيرة يمكن أن تكون" قناة عربية " أو أن وراءها عقل عربي مدبر ، لما نراه فيها من إخراج إعلامي و تكنولوجي مذهل فذ ، و برامج  جريئة ، متميزة ، هادفة ، رفيعة و مفيدة ، تعرض لأول مرة في تاريخ الإعلام العربي ، و بكل جرأة و جسارة ، الرأي و الرأي الآخر ، الذي عودتنا على طمسه كل و سائل الإعلام العربية السابقة لهذه القناة ، و كانت حريصة كل الحرص ألاّ تري القارئ أو المشاهد العربي إلا الوجه الذي فيه صورة الحاكم من عملة الحقيقة !! ...  كما أنه من العسير لدى الكثير تفسير هذه الازدواجية المتمثلة في وجود قناة " وطنية " مناهضة للاحتلال على أرض دولة " محتلة أو شبه محتلة " !!
و هنا أقول  :-  " من مأمنه يأتي الخطر " .... في كثير من الأحيان  .
أجل !  لماذا لا تكون مثل هذه القنوات  شكل من أشكال النهوض و المقاومة التي استمدت ، بذكاء ، مشروعيتها من " الديمقراطية " التي يتغنى بها الأعداء ذاتهم ، بل ويشنون الحروب الصليبية تحت شعار نشرها في المنطقة  -  كم يقولون  - ؟!
لماذا نستبعد وجود قوى وطنية عربية قادرة بعقولها النيرة على مقارعة الأعداء بأساليب مبتكرة ترقى  في خبثها و حنكتها مستوى خبثهم و حنكتهم ، و تعمل بالتالي على مقاومتهم بنفس وسائلهم و أساليبهم ، من باب رد الكيد إلى النحر ، أو عن طريق إتباع المثل القائل " من فمك أدينك " ؟!
لماذا لا نفترض وجود فئة عربية وطنية ، في هذه الدويلات المغلوب على أمرها  ، تمثلت قول الرسول الكريم " ص" :- من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، و من لم يستطع فبلسانه ، و من لم يستطع فبجنانه و ذلك أضعف الإيمان ."   فآلت على نفسها القيام بالدور الذي تستطيعه و تتيحه لها الظروف ، و هو الدعوة بلسانها لتغيير المنكر .... و القول يا سيدي أول الفعل ، بل و رب قول أفعل من صول ،  كما قالت العرب . ؟!
لماذا لا نتصور وجود شخصيات وطنية و عقول عربية حرة ، في هذه الدويلات المستضعفة ، أدركت  سر اللعبة و مكمن الخطر المتمثل في سطوة وسائل الإعلام ، لاسيما التلفزيونية منها ، و قدرتها الهائلة في تنشئة الأجيال ، و تكوين أو توجيه الرأي العام ، و بالتالي صنع الأحداث و التأثير ( إن لم نقل السيطرة ) على الأوضاع السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية في أية أمة أو بلد من البلدان ، كما هو حادث ، مثلاً ، من سيطرة اليهود على ناصية الأوضاع في أمريكا و غيرها من بلدان العالم عن طريق سيطرتهم على و سائل الإعلام فيها . و كما  هو حادث لأمتنا - عبر الفضائيات الألف الموجهة إليها -  من غزو فكري و ثقافي رهيب يُرضع أجيالنا ، مع لبن الأم ، ما يشاء أو يريد من قيم الخضوع ، و فكر الخنوع ، و سلوك الابتذال و الخوف و الركوع ، في ساحة خلا منها الند أو النقيض البديل ....
أقول ؛ لمَ لا نتصور إمكانية وجود مثل هذه الفئة الوطنية التي انكشفت أمامها الرؤية ، و عرفت من أين تكون بداية مشوار الألف ميل في طريق التحرر و النهوض ، فكانت " الجزيرة "  و أختها الصغرى " العربية " إرهاص هذا الوعي المستنير  ؟! ... أم أن إحساسنا باليأس و القنوط أوصلنا إلى  هذا المستوى من فقدان الأمل في إمكانية وجود أي حياة أو أحياء في محيط هذه الأمة .
إن المشكلة الكبرى عند الإنسان العربي هي جهله بالحقائق الواقعة على أرضه ، و الصورة المشوهة المرسومة في عقله للعالم المحيط به ، و ذلك لما مارسته فيه وسائل الإعلام الأصفر و الأبيض و الأسود ، عبر ردح من الزمن ، من طمس  و تحريف للحقائق ، و من تعتيم للأحداث و الوقائع ، و تعمية للعيون   . و بالتالي فخير الجهاد ، اليوم ، و أوله هو كلمة حق تقال في وجه حاكم جائر ، و تبصير هذا الإنسان المستغفل و المغدور بحقيقة واقعه و المصير ... و هذا ما تقوم به الجزيرة الآن ، تفتيح العيون و الأذهان ، لا أكثر من ذلك و لا أقل . فلماذا تنكرون عليها قيامها بهذا الدور الوطني و الإنساني الجليل ؟! . و لماذا نحن مولعون بسحق كل برعم أو زهرة في الأكمام ؟! و إلى مَ يبقى  سوء الظن يحكمنا و يفقدنا الثقة في أنفسنا و يشوه كل جميل في حياتنا و كل عمل نبيل ؟! .
قال صاحبي ، و قد بدا عليه الوجوم ، و همَّ بالانصراف :-  على كل حال ، آمل ألاّ يعميك حبك و مشايعتك لهذه القناة عن اكتشاف كلمات الحق التي يراد بها الباطل ، فكن يقظاً و خذ الحيطة و الحذر . فرب سم في الدسم ، كما أنه " رب مخمصة شر من التًخَمِ "
قلت له ، و هو يغادرني :- أنا لست بالمتعصب الأعمى للجزيرة و لا لغيرها من القنوات الجادة  الهادفة ، و لكني ، في كل ما هو حولي ، أنظر للنصف الممتلئ من الكأس ، في حين أنك ، في كل ما هو حولك ، تنظر للنصف الفارغ منه ، و هذا هو وجه الخلاف و الاختلاف الكبير بيني و إياك ، يا صديق !!  


            زهران بن زاهر الصارمي         
                             
                               10/7/2004

              سلطنة عمان – المنطقة الداخلية  - ولاية إزكي


   
      
   



        




      
    
             

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق